ساهم الكساد الاقتصادي العالمي والفساد الاداري والمالي في حدوث انهيارات اقتصادية أثرت بشكل واضح على المنشآت المحلية منها والدولية، الأمر الذي دفع الباحثين والإداريين والإقتصاديين بالبحث عن سياسات ومبادئ تساهم في تحقيق أهداف المنشأة لأعمالها بالشكل الصحيح مثل تحسين فرص الحصول على رأس المال والمساعدة على استمرار المنشأة في العمل في جو تنافسي وما يترتب على ذلك من زيادة في الانتاجية، وكان من ضمن هذة السياسات الحوكمة التي يمكن تعريفها بأنها الطريقة التي تُدار بها المنشآت ليتم تحديد من لديه السلطة والمساءلة ومن يتخذ القرارات الخاصة بشؤون المنشأة، كما يضع الأهداف والاستراتيجات اللازمة لتحقيقها. والحوكمة في جوهرها مجموعة أدوات تمكن الإدارة ومجلس الإدارة من التعامل بشكل أكثر فاعلية مع التحديات التي قد تواجهها إدارة المنشأة لتضمن أن تكون عمليات اتخاذ القرارات مناسبة مع الضوابط المعمول بها بحيث تكون مصالح جميع أصحاب المصلحة (المساهمين والموظفين والموردين والعملاء والمجتمع) متوازنة.
من هم الأطراف الرئيسية بالحوكمة؟
1- المساهمون: هم من يقومون بتقديم رأس المال للمنشأة عن طريق ملكيتهم للأسهم، وتعظيم قيمة المنشأة على المدى البعيد مما يحدد مدى استمراريتها مقابل الحصول على الأرباح المناسبة لاستثماراتهم، ويملكون الحق في اختيار أعضاء مجلس الإدارة المناسبين لحماية حقوقهم
2- الإدارة التنفيذية: وهي المسؤولة عن الإدارة الفعلية للمنشأة وتقديم التقارير الخاصة بالأداء الفعال إلى مجلس الإدارة، كما أن الإدارة تكون مسؤولة عن تعظيم أرباح المنشأة وزيادة قيمتها، والإدارة هي حلقة الوصل بين مجلس الإدارة وبقية الأطراف المتعاملة مع المنشأة.
3-مجلس الإدارة: وهم من يمثلون المساهمين وأيضا الأطراف الأخرى مثل أصحاب المصالح، ومجلس الإدارة يقوم بإختيار المديرين التنفيذين والذين يوكل لهم سلطة الإدارة اليومية لأعمال المنشأة، ويرسم السياسات العامة وكيفية المحافظة على حقوق المساهمين.
وفي المحصلة، فإن جميع هذة الأطراف لها مصلحة في نجاح المنشأة واستمرارها، ولها حقوق يجب على المنشأة المحافظة عليها وتوفيرها لهم.
أهمية وأهداف حوكمة الشركات:
تساهم الحوكمة في تحسين الأداء المالي من خلال تحسين الأرباح، وتحسين العائد على الاستثمار، وتحسين التدفق النقدي في المنشأة وتظهر أيضا مساهمتها في تحسين سمعة المنشأة ويتمثل ذلك من خلال تشجيع الإقبال على العمل وزيادة الإقبال على شراء منتجاتها وأسهمها. تنبع أهمية الحوكمة من دورها الرقابي في المنشأة وفيما يلي بعض فوائد تنفيذها في المنشآت:
1.تعزيز كفاءة إدارة العمليات والاستفادة الأمثل من الموارد العامة في المجالات التي تحقق العائد الاجتماعي وتسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية.
- إرساء ثقافة المشاركة في صياغة السياسات واتخاذ القرارات وتقييم الخدمات، بما يعزز الالتزام بالقوانين ويضمن تفعيل دور العاملين والمتعاملين.
3.ترسيخ ثقافة التعلق بالمؤسسة والشعور بالمسؤولية في تحقيق الأهداف الاستراتيجية.
4.الاستجابة بجودة عالية وسرعة مناسبة لمتطلبات واحتياجات المتعاملين، وذلك لتحقيق رضاهم.
5.تعزيز ثقافة المساءلة والشفافية وتحديد مسؤولية الإنجاز والنتائج.
6.محاربة ومكافحة الفساد بجميع أشكاله وممارساته.
أبعاد الحوكمة:
توصلت الأبحاث في حوكمة الشركات وقواعدها إلى النتائج يمكن بواسطتها تحديد الأبعاد التنظيمية لحوكمة المنشآت فيما يلي:
1.البعد الإشرافي:
هو دعم وتفعيل الدور الإشرافي على أداء الإدارة التنفيذية، والأطراف ذات المصلحة ومن بينهم المساهمين.
2.البعد الرقابي:
هو ودعم وتفعيل الرقابة سواء على المستوى الداخلي من جهة أو المستوى الخارجي للمنشأة من جهة أخرى، ويتعلق تدعيم وتفعيل الرقابة فيما يخص المستوى الخارجي للمنشأة بتنفيذ نظم الرقابة ونظم إدارة المخاطر.
3.البعد الأخلاقي:
هي عملية خلق وتحسين البيئة الرقابية على أن تشمل القواعد الأخلاقية، والنزاهة، والأمانة، ونشر ثقافة الحوكمة على مستوى إدارات المنشآت وبيئة الأعمال على وجه العموم.
4.الاتصال:
هي عملية تصميم وتنظيم العلاقات بين مجلس إدارة المنشأة والإدارة التنفيذية لها من جهة، والأطراف الخارجية سواء كانت من ذوي المصلحة أو الجهات الإشرافية والرقابية والتنظيمية من جهة أخرى.
- البعد الاستراتيجي:
هو التخطيط للمستقبل والتطلع إليه بالاعتماد على إجراء دراسة متأنية وأيضًا على الإلمام بمعلومات كافية عن الأداء سواء كان بالماضي أو الحاضر، مما سيساعد ذوي العلاقة على صياغة استراتيجيات الأعمال وعلى تشجيع التفكير الاستراتيجي.
مقومات حوكمة الشركات:
تشير حوكمة المنشآت إلى إطار السياسات والمبادئ التوجيهية التي توجه سلوك المنشأة واتخاذ القرارات والممارسات. هذه البنية التحتية مبنية على ثلاثة مبادئ أساسية: المساءلة والشفافية والعدالة.
1- الشفافية: يتعلق هذا بالإفصاح المفتوح والدقيق والفوري عن المعلومات المتعلقة بأداء الشركة والتي يمكن أن تؤثر على اتخاذ القرارات المستقبلية. وتشمل هذه المعلومات المالية والتجارية والقانونية والإدارية.
2- المساءلة: تعني هذه المقومة تحمل المسؤولية والإجابة عن أفعال الشركة وأدائها أمام المساهمين والمستثمرين والعاملين والمجتمعات المحلية والحكومات المعنية. وتتطلب هذه المسؤولية إعداد التقارير والحسابات الدورية والتفصيلية عن أداء الشركة، بالإضافة إلى تنفيذ القوانين واللوائح المعمول بها.
3- العدالة: تتعلق هذه المقومة بالتعامل بشكل عادل ومتوازن مع جميع المصالح المعنية في الشركة، بما في ذلك المساهمين والمستثمرين والعاملين والمجتمعات المحلية والحكومات المعنية. وتتضمن هذه المقومة ضمان التنوع والتمثيل الجيد للجنسيات والجنسين في مجلس الإدارة وفي جميع مستويات الشركة، بالإضافة إلى الحفاظ على معايير الأخلاق والقيم الاجتماعية والبيئية في جميع جوانب أعمال الشركة.
في النهاية، يمكن القول إن حوكمة المنشآت هي عامل حاسم لنجاح الشركات والمؤسسات في تحقيق أهدافها المستقبلية وتساعد الحوكمة الجيدة للشركات على بناء بيئة من الثقة والشفافية والمساءلة اللازمة لتعزيز الاستثمار طويل الأجل والاستقرار المالي ونزاهة الأعمال، وبالتالي نمو أكبر ومجتمعات أكثر شمولاً. فعلى الرغم من أن مفهوم الحوكمة قد يبدو معقدًا في البداية، إلا أنه يجب أن نتذكر أن الهدف الأساسي من الحوكمة هو توفير بيئة عمل شفافة ومسؤولة ومستدامة للجميع. لإدارة المنشآت بشكل فعال والحفاظ على معايير الحوكمة، يمكنها من تحسين الثقة والشفافية في السوق وتحسين العلاقات مع المساهمين والعملاء والمجتمع. وبالتالي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الإنتاجية والربحية وتحقيق المزيد من النجاح في الأعمال التجارية.