استراتيجيات أعمال غير قابلة للفشل

استراتيجيات أعمال غير قابلة للفشل

سر النجاح يكمن في الاستعداد. المنشآت الرائدة ليست مجرد ناجحة، بل هي مستعدة دائمًا للتحدي. بفضل الاستراتيجيات الذكية والقرارات الحكيمة، تتحول هذه المنشآت من قوة إلى قوة، وتفتح أمامها آفاقًا جديدة من النمو والازدهار.

أثبتت الكثير من المنشآت الكبرى ازدهارها في أحلك الظروف الغير مسبوقة التي كانت تصطدم بها من كل جانب، وأثبتت قدرتها في تحويل المخاطر إلى فرص، والتحديات إلى إنجازات لا تعرف معنى للفشل،

كل ذلك فتح أمامها أبواب لا محدودة من النجاح، وآفاق جديدة دفعتها نحو التفوق والابتكار، كان ضمانها الوحيد هي أن تكون خطواتها بكافة تفاصيلها محسوبة وقراراتها مدروسة، إضافة إلى الاستراتيجيات الذهبية والخطط الذكية التي كانت تتبعها من أجل ديمومة نجاحها.

في هذا المقال سنسلط الضوء على محركات حقيقية تجعل أهداف العمل أكثر من مجرد أرقام أو خطط مكتوبة، إضافة إلى تحليل المعطيات السوقية التي تساعد على قراءة مستقبل المنشأة بدقة وتميز، وكيف يمكن للمبادرات الاستراتيجية أن تكون الشرارة الأولى لرسم ملامح نجاح غير متوقع، أو حتى معرفة ما إذا كانت الاستراتيجية المستخدمة تسير في مسارها الصحيح أم لا.

من بوصلة الهدف إلى خريطة النجاح

في بداية الأمر يبدو لك الهدف من بعيد أنه مجرد حلم بعيد المنال، لكن ماذا لو كنت تمتلك الأداة المناسبة والخريطة الصحيحة التي تجعل من حلمك واقعاُ ملموساً بعينه؟! هنا يأتي دور بوصلة الهدف التي من خلالها سنعرف الوجهة الصحيحة في خريطة النجاح التي تضمن لنا مسارات واضحة نحو تحقيق ما هو أكبر من ذلك بكثير، فلا بد من تحديد الهدف من وراء كل عمل، وذلك من خلال:

  • توضيح الرؤى المتوقع الوصول إليها في المستقبل، وتوضيح تفاصيل الرسالة الموجهة نحو أبعاد ومسارات جديدة.
  • وضع أهداف ذكية بتفاصيل واقعية تمكننا من تحقيق النقطة السابقة في زمن قياسي وضمن الحدود المتوقع إنجازها.
  • تحليل واقع المنشأة من نقاط القوة والضعف وحتى الفرص والتهديدات، لتوجيه المستقبل وتماشيه مع الأهداف المراد تحقيقها.
  • خطط تفصيلية بأهداف استراتيجية لنمو طويل الأمد وتحسين الحصة السوقية، إضافة إلى تحسين وتطوير المنتجات والخدمات اللازمة.
  • نشاط يومي لهدف تشغيلي للمساعدة في الكفاءة والأداء والخدمة.
  • التخطيط المفصل لتنفيذ جميع الأهداف السابقة بمختلف أنواعها، بحيث يشمل: تحديد الموارد المطلوبة لكل هدف، الأوقات الزمنية لإتمام الهدف، الأفراد المسؤولة عن كل هدف.
  • مراقبة جميع العمليات في كل خطوة وفي كل أداء لمعرفة ما هو بحاجة إلى التعديل أو حتى التغيير.
  • استمرارية التحسين والتطوير تبعاً للظروف السوقية المتغيرة.

في النهاية كل بوصلة تحدد وجهتك وكل خريطة ترسم لك المسار الخاص بك، فنجاح العمل لا يقتصر على وصوله إلى الهدف فقط بل بحاجة إلى المرور بأكثر من عملية تعتمد على التوجيه والتخطيط والاستكشاف.

تحت المجهر: استكشاف الظروف السوقية على نحوٍ عميق

عندما يصبح الأمر متمحوراً حول الظروف السوقية لا بد من تجاوز السطح والغوص في عمق السوق، للكشف عن خبايا الظروف المتغيرة التي لا ترى بالعين المجردة، كل ذلك يفتح أبواب غير مرئية تؤثر على أداء الأعمال عامة والمنشآت وخدماتها ومنتجاتها خاصة، فتحليل الظروف السوقية يساعد على فهم كيفية البيئة المحيطة بتغيراتها وتقلباتها وهو ما يمكنها من وضع استراتيجيات فعالة واتخاذ أفضل القرارات التي تصب في مصلحتها، حيث يتضمن هذا التحليل ما يلي:

  • تحديد الغرض من تحليل السوق:

يمكن النظر إلى هذا التحليل من مصدرين رئيسين: إما مصدر داخلي يحسن من عمليات وأداء المنشآة الداخلية، أو مصدر خارجي يكون خارج نطاق عملك.

  • تحليل الحالة الاقتصادية:

تحليل الأمور الاقتصادية من ناحية النمو والتضخم والأسعار والفائدة، التي تؤثر على مختلف الأعمال من جميع النواحي.

  • دراسة اتجاهات السوق الحالية وتوجهاته المستقبلية:

بمجرد تحديد الاتجاهات والتوجهات الخاصة بالسوق من تحديد أنماط الاستهلاك وحتى تغيرات العرض والطلب، فإن هذا يساعد على تحديد الفرص المستقبلية التي يمكن استغلالها بالشكل الأمثل.

  • تحليل المنافسين المباشرين وغير المباشرين:

من المهم التركيز على هذا التحليل لأنه يساعد بشكل أساسي في تخصيص ميزة تنافسية لك في الأسواق، وذلك من خلال معرفة نقاط القوة والضعف الخاصة بهم، واستراتيجياتهم المستخدمة، وحصصهم السوقية المتواجدة في الأسواق.

  • تحليل وتحديد الفجوات السوقية:

في غالبية الأسواق نجد الكثير من الاحتياجات التي لم تتم تلبيتها، لذلك من المهم تحليل ودراسة هذه الاحتياجات بدقة كبيرة لتساعدك على النجاح المسبق دائماً.

  • معرفة العوامل السياسية والقانونية:

لا بد من معرفة هذه العوامل على مستوى محلي ودولي وعالمي عبر المعرفة بالقوانين والتنظيمات المحلية أو الدولية، السياسات واللوائح التجارية، وكل ما يطرأ من تحديث عليها في الأسواق.

  • تحليل أدوات التوزيع والموزعين في الأسواق:

من المهم وضع خطة مدروسة لتوزيع المنتجات والخدمات مروراً بقنوات التوزيع، وتبادلها بين الموزعين، والاستراتيجيات المساعدة في نجاح عملية البيع.

  • أدوات تحليلية مساعدة:

استخدام هذا النوع من الأدوات يسهل من عملية التحليل ويعطي نتائج أعمق.

فنجاح العمل هو نتاج لفهم دقيق وتحليل شامل لكل ما يدور خلف الأسواق المختلفة والأعمال الريادية، فمن المهم استمرارية وضع السوق تحت المجهر قدر الإمكان والنظر إلى كل مؤشر وكل متغير وكل فرصة تمكننا من التطور وعدم الفشل.

قياس تردد صدى نجاح الاستراتيجيات

عندما تبدأ بتنفيذ استراتيجيات العمل التي وضعتها مسبقاً، تبقى في انتظار اللحظة التي يتردد صدى نجاحها على أرض الواقع، وتأمل أن يتحول كل جهد بذلته إلى أثر يتجاوز تلك اللحظة ويخلق مساراً آخر للنجاح على المدى القريب والبعيد، فقياس هذا النجاح لا يتم فقط عبر النتائج والاكتفاء بها، بل من خلال التغييرات العميقة والمستمرة التي يتركها في كل جانب من جوانب العمل، ففي سياق مؤشرات الأداء نجد تلك المؤشرات المخصصة لقياس الأداء الاستراتيجي الذي يوفر تحليل شامل للأداء على مختلف المستويات، حيث تصنف مؤشرات الأداء الاستراتيجية إلى:

  • مؤشرات إحصائية وبيانية رقمية.
  • مؤشرات استراتيجية ذات صلة بالأولويات وأهداف العليا.
  • مؤشرات توجيهية توجهك نحو مدى التحسين في الأداء.
  • مؤشرات الكفاءة المتعلقة بالموارد البشرية والطبيعية والزمنية.
  • مؤشرات إنجاز العمل وتحقيقه.
  • مؤشرات الفعالية الخاصة بتحقيق المتطلبات اللازمة وفقاً للمعايير المتفق عليها.
  • مؤشرات تشغيلية ذات صلة بالأهداف التشغيلية ومستوى رضا الإدارة على عمليات التشغيل.

أما بالنسبة للأدوات المساعدة في قياس الأداء، فهي على النحو التالي:

  • مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs):

نوع من المؤشرات تعتمدها الكثير من الشركات لتتبع تقدم عملها ورصد مدى نجاح استراتيجيتها، من خلال: العائد على الاستثمار، الحصة السوقية، رضا العملاء، معدلات نمو الإيرادات.

  • بطاقة الأداء المتوازن:

تستخدم لقياس أربعة أبعاد رئيسية، وهي: الأداء المالي، رضا العملاء، العمليات الداخلية والكفاءة التشغيلية، التطوير والابتكار، هذا ما يضمن لنا التوازن المالي وغير المالي.

  • التحليل الجانب المالي:

يعكس هذا التحليل قدرة العمل على تحقيق الربح المستدام، حيث يتم فيه تحليل الإيرادات، الأرباح، التدفقات النقدية، الديون.

  • المراجعات الدورية المنتظمة:

تتم بواسطة الاجتماعات واللقاءات الدورية التي تتابع تقدم الهدف المخطط له من كافة النواحي.

  • قياس العمليات الداخلية:

في هذه العمليات تحديداً يتم قياس الكفاءة التشغيلية للإنتاجية والتكاليف والمنتجات والخدمات المقدمة للعملاء.

  • تقييم الموارد البشرية:

يشمل قياس مدى فاعلية الفرق في تنفيذ الاستراتيجيات بتوافق تام وخطى مدروسة ونهج مخطط له بشكل كامل ومتكامل.

  • التواصل المستمر مع العملاء:

من خلال هذا التواصل نستطيع تقييم رضا العملاء من خلال المراجعات المقدمة واستطلاعات الرأي المنشورة وتحليل الشكاوي والاعتراضات المطروحة.

  • استخدام أدوات التحليل المتقدم التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة مثل: Google Analytics وغيرها.
  • التقارير الدورية التي تساعد في إبقاء جميع الأطراف المعنية مطلعة على سير العمل.

لا تنسى أنه عندما نقيس هذا الصدى، نكتشف عمق تأثيره وقوته في تشكيل المسارات القادمة لصالح أي عمل أو أي منشأة وأي فرد من الأفراد.

في نهاية المقال تذكر أنه لا توجد هناك استراتيجية تضمن نجاحك بنسبة 100%، بل هناك استراتيجيات تضعك أنت وعملائك في قلب العملية، أو ربما تساعدك على النهوض عندما تكون على وشك الانهيار، أو تعيد لك الحياة في إحدى جوانب العمل، كل هذا قائم على فهم عميق للسوق والقدرات ووضع الاستراتيجيات التي ستدفعك دائماً نحو نجاح لا يعرف طريقاً للفشل، هذا كل ما في الأمر.