مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) كأداة لتحقيق التميز التشغيلي

kpi for Operational Excellence - synexcell

مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) كأداة لتحقيق التميز التشغيلي

ما الذي يجعل منشأة ما تتفوّق في بيئة مليئة بالتحديات والتغيّرات؟ هل هو حجم مواردها أم قدرتها على إدارتها بذكاء؟ في ظل تسارع وتيرة المنافسة وتزايد تشابك سلاسل القيمة في المملكة العربية السعودية، لم يعد نجاح المنشآت مرتبطًا بحجم مواردها بقدر ما أصبح مرهونًا بقدرتها على إدارتها بكفاءة وذكاء. التفوق المؤسسي اليوم يقوم على امتلاك الأدوات و حسن توظيفها وقياس أثرها وتحسين أدائها بشكل مستمر. ومع تنامي دور البيانات في دعم القرارات وصياغة الاستراتيجيات، باتت كفاءة التشغيل ومؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) البوصلة التي تقود المنشآت نحو التميز، وتحوّل الأهداف من رؤى وخطط على الورق إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.

من خلال تجربتها الواسعة في السوق السعودي، تُدرك سينكسيل أهمية استخدام مؤشرات الأداء كأداة قيادية لتحويل الرؤية إلى ممارسة يومية تعزز المساءلة والتحسين المستمر، وتدعم المنشآت في بناء ثقافة مؤسسية قوية قائمة على الأداء والنتائج.

في هذا المقال، سنتناول كيف أصبحت مؤشرات الأداء الرئيسية أحد أعمدة التميز المؤسسي في بيئة السعودية الديناميكية، ونسلط الضوء على أفضل الممارسات لاختيارها، تطبيقها، وتضمينها كجزء أساسي من ثقافة العمل اليومية، لتحويلها من أدوات قياس إلى محركات حقيقية للتحوّل المؤسسي.

مفهوم مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)

مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) هي مقاييس كمية تُستخدم لقياس مدى نجاح المنشآت في تحقيق أهدافها التشغيلية والاستراتيجية، وتُعتبر من أهم الأدوات التي تعتمد عليها المنشآت للوصول إلى التميز المؤسسي. فهي لا تقتصر على عرض الأرقام إنما تمنح الإدارة فهماً أعمق للأداء الفعلي، وتوجهها لاتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على بيانات دقيقة.

تعتمد مؤشرات الأداء الرئيسية على تحديد عوامل نجاح جوهرية مثل الكفاءة التشغيلية، جودة الخدمات، رضا العملاء، ومعدلات النمو، مما يجعلها جزءًا أساسياً من أي استراتيجية تهدف لتعزيز التميز المؤسسي والقدرة التنافسية.

و باستخدامها بشكل فعال، تتحول هذه المؤشرات إلى أدوات قيادية تساعد في ترجمة الرؤية إلى نتائج ملموسة، وتعزز ثقافة التحسين المستمر داخل بيئة العمل.

 العلاقة بين مؤشرات الأداء الرئيسية والتميز المؤسسي

التميز المؤسسي هو نهج يضمن تقديم قيمة مستمرة وجودة ملموسة في كل تفاصيل العمل، ويشكل مسارًا استراتيجيًا يمكّن المنشأة من تقديم قيمة مستدامة، وتحقيق الجودة في كل جانب، وبناء ثقافة ترتكز على التحسين المستمر والتعلم التنظيمي.

تعمل مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) كأداة إنذار مبكر تكشف نقاط القوة والضعف، وتوجه الموارد نحو الأنشطة التي تحقق أعلى قيمة تشغيلية، مما يسمح للمنشأة برصد الاتجاهات، وقياس تأثير القرارات التشغيلية، وتطوير خطط تحسين مبنية على بيانات دقيقة وموضوعية.

وحين تتكامل مؤشرات الأداء الرئيسية مع نظام الإدارة التشغيلية، يتحول الأداء اليومي إلى رحلة تعلم مستمر تقود إلى التميز المؤسسي، مما يحافظ على قدرة المنشأة في التكيف والريادة ضمن بيئة عمل متغيرة باستمرار، ويجعل من مؤشرات الأداء الرئيسية المحرك الأساسي لتحقيق النجاح المستدام والتفوق المؤسسي.

بهذا الشكل، تصبح مؤشرات الأداء الرئيسية وأدوات القياس عصب الحياة المؤسسية الذي يعكس حقيقة الإنجاز ويحفز على التطوير الدائم.

كيف تختار المنشأة مؤشرات الأداء الرئيسية المناسبة

لاختيار مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) المناسبة للمنشأة بطريقة عملية، يمكن اتباع الخطوات التالية:

  1. ربط المؤشرات بالأهداف الاستراتيجية:
    ابدأ بتحديد الأهداف الرئيسية للمنشأة والتأكد من أن كل مؤشر يعكس بشكل مباشر تحقق هذه الأهداف مثل نمو الحصة السوقية، تحسين رضا العملاء، أو رفع كفاءة التشغيل.
  2. تطبيق معايير SMART على المؤشرات:
    • محددة (Specific): يجب أن توضح المؤشرات ما يتم قياسه بدقة.
    • قابلة للقياس (Measurable): يمكن تتبع نتائج المؤشرات وقياسها بشكل كمي.
    • قابلة للتحقيق (Achievable): يجب أن تكون الأهداف قابلة للتحقيق ضمن الإمكانيات المتاحة.
    • ذات صلة (Relevant): ترتبط المؤشرات ارتباطًا وثيقًا بأولويات المنشأة.
    • محددة زمنياً (Time-bound): يجب أن تحتوي المؤشرات على إطار زمني لتحقيقها.
  3. اختيار عدد محدود من المؤشرات الجوهرية:
    الحفاظ على تركيز فريق العمل على أهم مؤشرات الأداء الرئيسية التي تعكس واقع الأداء الحقيقي، دون تشتيت الانتباه بعدد كبير من المؤشرات الثانوية.
  4. التأكد من مصادر البيانات وآليات جمعها:
    يجب التأكد من توفر بيانات دقيقة وقابلة للتحليل بشكل دوري، واستخدام طرق موثوقة لجمع هذه البيانات لضمان صحة النتائج.
  5. إشراك أصحاب المصلحة في تصميم المؤشرات:
    التعاون مع الفرق والإدارات ذات العلاقة لتعزيز الفهم والالتزام المشترك بالمؤشرات، وضمان توافقها مع الواقع التشغيلي.
  6. ربط المؤشرات بأنظمة المكافآت والتحفيز:
    توظيف مؤشرات الأداء الرئيسية في تحفيز الفرق والعاملين عبر ربط النتائج بالمكافآت المناسبة، مما يعزز ثقافة الأداء والمسؤولية.
  7. مراجعة وتحديث المؤشرات باستمرار:
    مراجعة دورية لمؤشرات الأداء الرئيسية لتحديثها بما يتناسب مع تغير أهداف المنشأة وأولوياتها، وضمان استمرارية تحقيق القيم المرجوة.

 أنواع مؤشرات الأداء الرئيسية في التميز المؤسسي 

  • الكفاءة التشغيلية
    تقيس هذه المؤشرات مدى قدرة المنشأة على إنجاز مهامها بأقصى إنتاجية ممكنة وبأقل وقت وجهد. تشمل معدل الإنتاجية، سرعة الإنجاز، ووقت الدورة التشغيلية. تسهم هذه المؤشرات في تحسين العمليات الداخلية وتقليل الهدر، مما يعزز من الأداء المستدام للمنشأة.
  • الجودة
    ترتبط جودة المنتجات والخدمات مباشرة برضا العملاء وولائهم. تشمل مؤشرات الجودة معدلات الأخطاء، رضا العملاء (CSAT)، ومؤشر التوصية (NPS). من خلال تتبع هذه المؤشرات، تستطيع المنشأة رفع مستوى الخدمة، وتصحيح الأخطاء بسرعة، وتعزيز التميز المؤسسي.
  • التكلفة
    تُركز مؤشرات التكلفة على مراقبة الإنفاق وتحسين كفاءة الموارد، مثل تكلفة الوحدة، كفاءة الإنفاق التشغيلي، ومعدلات الهدر. الإدارة الفعّالة لهذه المؤشرات تتيح تخصيص الموارد بشكل أفضل، وتحقيق عائد أعلى على الاستثمار.
  • الابتكار
    يقيس هذا النوع قدرة المنشأة على تطوير حلول جديدة وتحسين المنتجات والخدمات. تشمل مؤشرات الابتكار عدد المشاريع التطويرية المنفذة، والوقت المستغرق لتطبيق التحسينات، ونسبة نجاح المبادرات الجديدة. الابتكار المستمر يعزز التنافسية ويقود المنشأة نحو التميز المؤسسي.
  • الموارد البشرية
    تعتبر فرق العمل العمود الفقري لأي منشأة. تشمل مؤشرات الموارد البشرية معدل دوران الموظفين، مستوى الرضا الوظيفي، ونسبة المشاركة في برامج التدريب والتطوير. التركيز على هذه المؤشرات يخلق بيئة عمل محفزة ومستقرة، مما يدعم الأداء المستدام ويعزز ثقافة التميز المؤسسي.

تحدّيات تطبيق مؤشرات الأداء الرئيسية

  • اختيار مؤشرات غير مرتبطة بالأهداف الاستراتيجية:
    عندما لا تكون المؤشرات مرتبطة مباشرة بأهداف المنشأة، فإنها تقدم قياسًا غير دقيق وقد تؤدي لاتخاذ قرارات بعيدة عن الواقع الفعلي. لتجنب ذلك، يجب الربط المباشر بين المؤشرات وأهداف المنشأة الاستراتيجية.
  • الإفراط في عدد المؤشرات:
    كثرة المؤشرات تؤدي إلى تشتيت الجهود وصعوبة متابعة كل مؤشر بعمق، مما يعوق قدرة الفرق الإدارية على التحليل واتخاذ قرارات فعالة. من الأفضل التركيز على مؤشرات جوهرية محدودة تعكس الأداء الحقيقي.
  • ضعف جودة البيانات:
    غياب نظم دقيقة لجمع وتحليل البيانات ينتج عنها مؤشرات غير موثوقة، مما يقلل من فعاليتها في توجيه القرارات. لذلك، يجب ضمان توافر مصادر بيانات موثوقة وعمليات جمع وتحليل منتظمة لضمان دقة النتائج.
  • مقاومة الموظفين:
    في بعض المنشآت، يُنظر إلى مؤشرات الأداء الرئيسية كأدوات للرقابة أو الضغط، مما يخلق مقاومة بين الموظفين. يجب تبديد هذه المخاوف من خلال توضيح أن الهدف هو دعم التطوير والتحسين، وأن المؤشرات هي أداة تمكين وليست تقييدًا.

للتغلب على هذه التحديات، ينصح بـ:

  • بناء ثقافة مؤسسية ترى في مؤشرات الأداء الرئيسية فرصًا للتعلم والتحسين المستمر، لا مجرد أدوات للرقابة.
  • استخدام المؤشرات كأدوات للتمكين وتحفيز الفرق على تحقيق الأداء المتميز.
  • ربط مؤشرات الأداء الرئيسية بالحوار اليومي لصنع القرار، وربطها بأنظمة المكافآت لتعزيز الالتزام والمسؤولية.
  • ترجمة المؤشرات إلى سلوكيات عملية واضحة تدعم التميز على كل المستويات.
كيف ساعدت سينكسيل المنشآت على جعل مؤشرات الأداء جزءًا من ثقافة التميز المؤسسي

في شركة استشارات إدارية سينكسيل ، لا ننظر إلى مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) كأدوات تحليل فقط، بل نعمل على تحويلها إلى نظام قيادي يومي حيّ يوجّه السلوك، ويحفّز الأداء، ويعزّز المساءلة داخل المنشآت. من خلال دمج المؤشرات في الاجتماعات الدورية، وربطها بعمليات اتخاذ القرار وبرامج التحفيز، ساعدت سينكسيل المؤسسات على تحويل مؤشرات الأداء إلى لغة مشتركة تغذي روح الفريق، وتخلق ثقافة عمل قائمة على التميز والتحسين المستمر.

شركة خدمات لوجستية

دعمت سينكسيل الشركة في دمج مؤشرات رضا العملاء ووقت الاستجابة ضمن اجتماعات العمليات اليومية، وصممت نموذج حوافز مرتبطًا بتحقيق المستهدفات، بحيث تُكافأ الفرق التي تتجاوز الأداء المتوقع بترقيات أو مكافآت مالية. خلال ثلاثة أشهر فقط، ارتفعت كفاءة الفريق بنسبة 25% وتحسن رضا العملاء بشكل ملحوظ.

منشأة تعليمية رقمية

عملت سينكسيل مع المنشأة على وضع مؤشرات أداء لمتابعة مستوى التفاعل والاستخدام على المنصة الرقمية من قبل المعلمين والطلاب. وعند ملاحظة انخفاض في المشاركة، صممت ونفذت برامج تدريبية ودعمًا فنيًا مخصصًا للمعلمين، مما أدى إلى رفع معدل الاستخدام الفعلي للمنصة بنسبة 40% خلال نصف عام، وتحسين تجربة المستخدم التعليمية.

شركة تصنيع

ساعدت سينكسيل الشركة على دمج مؤشرات أداء لقياس معدلات الهدر والإنتاجية اليومية ضمن جلسات المراجعة الأسبوعية، واستخدمت النتائج لتوجيه فرق الإنتاج نحو تحسين العمليات وتقليل العيوب. خلال الربع الأول فقط، تمكّنت الشركة من خفض الهدر بنسبة 18% وتحقيق استقرار أكبر في جودة الإنتاج وكفاءته التشغيلية.

من خلال تفعيل مؤشرات الأداء بطريقة منهجية قائمة على البيانات، تخلق سينكسيل بيئة عمل تقوم على الشفافية والثقة، وتحوّل المؤشرات مع الوقت إلى لغة مؤسسية موحّدة بين الإدارة والموظفين، تُوجّه السلوك، وتُحفّز الابتكار، وتدعم التميز المؤسسي المستدام.

أمثلة فعالة لاستخدام الشركات السعودية مؤشرات الأداء القياسي

  1. ‎Saudi Arabian Basic Industries Corporation (SABIC)

الشركة الكبرى في الكيماويات السعودية اعتمدت نظام KPIs شاملاََ لقياس الأداء المالي. مثل الإيرادات، صافي الربح، العائد على الأصول.
وكذلك مؤشرات غير مالية مثل:  العملاء، ومشاركة الموظفين، والأمان والسلامة 

النتيجة: خلق بيئة عمل قائمة على المساءلة والشفافية، حيث يُعلم الموظفون ما هي المؤشرات التي تُقاس والهدف منها، ما يعزّز التميز المؤسسي.

2. Saudi Commission for Health Specialties (SCFHS) – قطاع التعليم والتدريب الطبي

الدراسة Evaluation of Key Performance Indicators (KPIs) at SCFHS
استعرضت كيف تم تصميم إطار مؤشرات لبرامج التدريب الطبي في السعودية، بهدف رفع جودة التدريب وجعلها متطابقة مع المعايير الدولية.

النتيجة: دمج المؤشرات التشغيلية مثلاً: عدد الخريجين، نسبة النجاح، رضا المتدربين في نظام الأداء ساهم في توجيه القرارات نحو تحسين البرامج، ويدعم رؤية السعودية 2030 في تحسين جودة الصحة والتعليم.

ختامًا، تُقاس قوة المنشآت بقدرتها على قياس أدائها وتحويل البيانات إلى قرارات استراتيجية تعزز التميز والاستدامة. فمؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) تُعد أداة أساسية لمتابعة التقدم وتحليل النتائج وتوجيه الموارد نحو تحقيق التميز المؤسسي.

في شركة استشارات قانونية سينكسيل، نؤمن أن التميز المؤسسي يبدأ من الداخل، عبر قيادة واعية، وتحليل دقيق، وثقافة مؤسسية قائمة على التعلم والتحسين المستمر.