التغيير والابتكار: كيف تبني ثقافة إدارية مبتكرة لمنشأتك؟

 

اعتادت منشأة أبل apple على إنتاج مجموعة متنوعة من الأجهزة والمنتجات التكنولوجية المستهلكة، الأمر الذي يجعلك تتسائل: ما هو الهدف من التغيير والابتكار التي تتبعه أكبر منشأة تطورًا في العالم؟

الجواب بسيط، منشأة أبل تعتمد في أساسها على إنشاء منتجات مبتكرة، وفي كل مرة تصنع منتج جديد يختلف عن ما قبله في التطوير والإبداع، بيد أن الاختلاف أحيانًا يكون غير ملحوظ ولا يمكن للبعض إدراكه، إلا أن التغيير يبدأ في التقنيات المستحدثة التي تشبع رغبات العملاء أيًا كان نوعها، وهذا ما يميز أبل حقًا، أنها تستهدف كافة حاجات الإنسان لتشمل جميع مناحي الحياة.

لكن، كيف يمكن أن تبني ثقافة إدارية مبتكرة عن طريق التغيير في منشأتك؟ في هذا المقال سوف نسلط ضوء المعرفة على مفهوم التغيير ومفهوم الابتكار والعلاقة بينهما وكيف يمكن إقامة إدارة ناجحة على أساسهما؟

مفهوم التغيير

تُحدث التغييرات تأثيرًا مستمرًا في البيئات الخارجية على أنشطة كل منشأة، وقد تكون هذه التغييرات فردية أو على مستوى المنشأة بشكل عام، وذلك يؤثر على الموظفين والمدراء. وبما أن نجاح المنشأة يعتمد على مدى تكيفها مع التغيير، فإن إدارة مواقف التقلبات أمر بالغ الأهمية وهنا يأتي دور مفهوم التغيير وإدارته:

التغيير يشير إلى العمليات والآليات والآثار المرتبطة بالتحولات داخل المنشآت أو المؤسسات أو أي كيانات منشأة. ويمكن أن تكون هذه التغييرات مدفوعة بعوامل مختلفة، بما في ذلك التقدم التكنولوجي، أو ديناميكيات السوق، أو التغييرات التنظيمية، أو الاتجاهات الاجتماعية، أو القرارات الاستراتيجية الداخلية.

أنواع التغيير

  • التغيير الاستراتيجي: 

الذي يتشكل في إعادة الهيكلة التنظيمية بتعديل التسلسل الهرمي والأدوار العملية والمسؤوليات داخل المنشأة. وأيضأ في تحديد موضع السوق بتحويل التركيز على الأسواق جديدة أو تغيير عروض المنتجات والخدمات.

  • التغيير التكنولوجي:

في التحول الرقمي لتطبيق تقنيات جديدة لتحسين الكفاءة والابتكار، والأتمتة التي تتم في تقديم العمليات الآلية لتحل محل المهام اليدوية.

  • التغيير التشغيلي:

كتحسين العمليات وتبسيطها لتحسين الكفاءة والفعالية، وتنفيذ معايير وممارسات جديدة لتحسين إدارة الجودة للمنتج أو للخدمة.

  • التغيير الثقافي:

في أسلوب القيادة مثلًا، كالتحول من القيادة الاستبدادية إلى القيادة الديموقراطية أو العكس، وكذلك ثقافة تغيير قيم المنشأة بإعادة تنظيم الأخلاقيات والمبادئ لتتوافق مع التوقعات المجتمعية الحالية.

  • التغيير التنظيمي:

في الامتثال والتكيف مع القوانين واللوائح الجديد التي تؤثر على أداء المنشأة وممارسات الاستدامة التي تقوم على تنفيذ سياسات صديقة للبيئة لتلبية متطلبات استدامتها.

إن منع التغييرات ليس ممكنًا دائمًا لأنه لا مفر منه في بعض الأحيان. ومع ذلك، من الممكن التخطيط للتغييرات والتغلب عليها. حيث يجب على الإدارة السعي والمواظبة دائمًا لضمان حدوث التغييرات بسلاسة، ويجب ألا تجد المنشأة وأعضاؤها تغييرات جذرية للغاية، التي قد تشكل تهديد وخطر على مستقبل المنشأة. ومن هنا تم إنشاء مفهوم إدارة التغيير الذي بدورها تقوم على التكيف والامتثال مع أي نوع تغيير يحدث في المنشأة بكل سلاسة ومرونة نحو النجاح المبتكر والتطوير الدائم.

مفهوم الابتكار

يمكن اختصار تعريف الابتكار باعتباره عملية القيام بفارق يخلق قيمة أو يضيفها على الأداء والفعل، فهو يشير إلى عملية تقديم أفكار أو أساليب أو منتجات أو خدمات جديدة تؤدي إلى تحسينات أو تقدمات كبيرة داخل المنشأة. غالبًا ما يتضمن الابتكار تحويل الأفكار الإبداعية إلى حلول جديدة تدفع نمو الأعمال، وتحسن الكفاءة، وتلبي احتياجات العملاء المتغيرة مع تحسين عملية صنع القرار وحل المشكلات عبر المنشأة.

كثير من الأمثلة يمكن طرحها لتدل على تأثير الابتكار على العالم كله وليس فقط في المنشأة، فمنشأة تسلا وإصرارها على وضع ابتكار استثنائي في صنع أول سيارة حديثة، وما قام به غراهام في صناعة الهاتف ومنشأة ويندوز والكثير من الاختراعات التي غيرت العالم. يعتبر الابتكار عاملًا حاسمًا اليوم، حتى لو لم تبتكر الشركات الحديثة اختراعات ضخمة، فهو يقود إلى إمكانية زيادة الأرباح وخلق وظائف جديدة وزيادة ثقة العملاء. بالابتكار، قد تتطور علامتك التجارية إلى اعتراف عام أفضل، وقد يكتشف العاملون الحاليون زيادة في الكفاءة أو الإنتاجية.

ما هي الفوائد التي يجلبها لك الابتكار في مجال الأعمال؟

إليك بعض من فوائد الابتكار لكل من نماذج الأعمال القديمة والجديدة:

  1. الحصول على ميزة تنافسية، يمكن أن يساعدك الابتكار في تطوير منتجات وخدمات فريدة تميزك عن المنافسين، حيث تشير أكثر من 80% من الشركات الناضجة رقميًا إلى الابتكار باعتباره أحد نقاط القوة الأساسية لديها.
  2. تلبية طلبات العملاء، 65% من الشركات سريعة النمو تتعاون مع عملائها في الابتكارات المحتملة. الشركات التي تحاول فهم احتياجات العملاء والاستجابة لها بشكل أفضل من خلال الابتكار المستمر تقوم بعمل أفضل في جذب عملاء جدد والاحتفاظ بالعملاء الحاليين.
  3. زيادة نمو الأعمال، بوجود الابتكار ستضع شركتك في موقع يتيح لها تحديد الفرص الجديدة واغتنامها بشكل أفضل، يمكنك أيضًا إنشاء فرص لتنويع مصادر الإيرادات أو التوسع في أسواق جديدة.
  4. زيادة الكفاءة والإنتاجية، فيمكن أن يؤدي الابتكار إلى زيادة الإنتاجية حيث تجد طرقًا لتحسين العمليات الحالية وتبسيط العمليات وتنفيذ أشكال جديدة من التكنولوجيا، مجهزة بشكل أفضل للتعامل مع التغييرات. فبدلاً من الاستجابة للتغيرات التي تفاجئك، ستكون مستعدًا بشكل أفضل لتحديد الاتجاهات الناشئة وتوقع التحولات في السوق مقدمًا.
  5. جذب المواهب والاحتفاظ بها، يمكنك إنشاء بيئة مشاركة العاملين لديك وتؤدي إلى مستويات أعلى من الرضا الوظيفي والاحتفاظ بالموظفين. تمنح العديد من الشركات الكبرى موظفيها وقتًا محددًا كل أسبوع للعمل على ابتكارات المنتجات.
  6. تعزيز المرونة والاستدامة، سيتم تجهيز عملك للتعامل مع فترات الركود الاقتصادي وتغيير سلوك المستهلك. حتى لو لم ينتج ابتكارك كلًا من هذه التأثيرات المحتملة، فحتى نتيجتين أو ثلاث نتائج يمكن أن توفر دفعة لعملك.

أنواع الابتكار

  • الابتكار المتزايد: يتضمن الابتكار المتزايد إجراء تحسينات صغيرة ومتزايدة على المنتجات أو الخدمات أو العمليات الحالية. في حين أنه قد لا يؤدي إلى إنشاء منتج جديد أو مفهوم جديد، إلا أنه يمكن أن يعزز خلق القيمة وينتج تأثيرًا إيجابيًا. مثل: اختراع tablets الذي يجمع بين الهاتف المحمول وأجهزة الكمبيوتر .
  • الابتكار الجذري: عادة ما يتضمن الابتكار الجذري تحقيق اختراق كبير أو اختراع يخلق سوقًا جديدًا أو يغير السوق الحالية بشكل كبير. أصبحت هذه الابتكارات أكثر وضوحًا وتمثل مسعى عالي المخاطر بعائد مالي أعلى. مثل أجهزة iPhone .
  • الابتكار المدمر (الثوري): يخلق الابتكار المدمر سوقًا جديدة أو شبكة قيمة تحل محل السوق الحالية أو شبكة القيمة. فبدلاً من تقديم منتج جديد لخدمة سوق حالية، يمثل الابتكار الثوري إنشاء سوق جديدة تمامًا تعمل على تغيير الوضع الراهن. مثل: AI.
  • الابتكار المعماري: تُحدث الابتكارات المعمارية تغييرات كبيرة في بنية المنتج أو الخدمة لجذب أسواق ومستهلكين جدد. بمعنى آخر، فهو يعيد تجميع منتج أو خدمة أو فكرة موجودة لملء حاجة جديدة أو جذب عملاء جدد. مثل: Apple watch.

مهما اختلفت أنواعه، يبقى الابتكار عامل ثقافي حاسم يمكنه التأثير بقوة على إدارة أعمال المنشأة وإنشاء أداء فعّال ومميز.

10 نصائح لتبني ثقافة إدارية مبتكرة في منشأتك:

مما سبق، استدركنا أهمية الابتكار في مجال الأعمال، ولكن قد لا يزال لديك فضول حول كيفية جعل الابتكار حقيقة واقعة لإنشاء إدارة ممتازة داخل المنشأ، إليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في جعل ابتكارك أكثر فعالية وإفادة:

  •  خلق ثقافة الابتكار

يجب على الشركات أن تنشئ ثقافة يشعر فيها الموظفون بالقدرة على مشاركة الأفكار والتجربة وتحمل المخاطر المحسوبة. يجب تناول المواضيع بشكل مفتوح ومنتظم عن قيمة التحسين المستمر. قد يكون من المفيد تحويل المحادثات حول الأفكار الجديدة بعيدًا عن العوائق المحتملة والتضحيات المالية. وبدلاً من ذلك، يجب أن تركز المحادثات المبتكرة على الإمكانيات المحتملة وتأثير الأفكار المبتكرة على المنشأة.

  • فهم احتياجات العملاء

إن الفهم الأفضل لاحتياجات عملائك ورغباتهم يمكن أن يؤهلك لخدمتهم بشكل أفضل ولفترة أطول، حيث يمكنك فهم احتياجات العملاء بشكل أفضل من خلال الاعتياد على جمع التعليقات المنتظمة وإجراء أبحاث السوق والتفاعل مع العملاء للكشف عن الأفكار وتحديد فرص الابتكار.

  •  تشجيع التعاون بين الوظائف

تشجيع وجهات النظر المتنوعة والتعاون متعدد التخصصات لتعزيز الأفكار الجديدة، اتخذ خطوات لكسر الصوامع وإنشاء قنوات للمعرفة متعددة الوظائف. وأثناء قيامك بذلك، قم بإنشاء طريقة أو معيار اتصال مركزي وشجع الحوار المنتظم بحيث يكون جميع أعضاء الفريق على نفس الصفحة.

  • تخصيص الموارد للابتكار

بالإضافة إلى المال، يعد الوقت مصدرًا رائعًا للاستثمار، إلى جانب ميزانيات البحث والتطوير، قم بتحديد مقدارًا معينًا في وقت مسبق للموظفين لمتابعة أفكار ومنهجيات جديدة. يجب عليك أيضًا تحديد الأدوات والتقنيات اللازمة لفريقك للوصول إلى المستوى التالي.

  • احتضان التعلم المستمر

الموظفون الذين يستمرون في النمو والتوسع هم في وضع أفضل للمساهمة في الابتكار والتطوير المستمر للمنشأة، ويشمل ذلك توفير الفرص للموظفين لاكتساب مهارات جديدة، وحضور البرامج التدريبية، والمشاركة في ورش العمل أو المؤتمرات. شجع موظفيك على البقاء على اطلاع بأحدث اتجاهات الصناعة وأفضل الممارسات، وفكّر في تخصيص وقت لسؤال الموظفين عما يتعلمونه وكيف يمكن أن يفيد المنشأة ككل.

  •  تشجيع المخاطرة وتقبّل الفشل

الابتكار في كثير من الأحيان لا يحدث دون مخاطر. كان من الممكن أن تفشل الابتكارات الكبرى مثل iPhone بسهولة، لكن منشأة أبل apple لم تدع الخطر المحتمل يمنعها من المضي قدمًا. إذن، تعزيز بيئة يشعر فيها الموظفون بالأمان لتحمل المخاطر دون خوف من العواقب الوخيمة أمر بالغ الأهمية. وتذكر أن تحتفل بالنجاحات والإخفاقات، وفكر في ما يمكنك تعلمه من كل حدث.

  • ابحث عن وجهات نظر خارجية أخرى

إذا لم تخصص وقتًا للاستماع إلى الأصوات ووجهات النظر الخارجية، فسوف تفوت ثروة من المعلومات المفيدة. اهتم بالتعاون مع أصحاب المصلحة الخارجيين أو خبراء الصناعة أو الاستشاريين أو الشركات الناشئة لاكتساب وجهات نظر جديدة. واستكشف الشراكات أو المشاريع المشتركة أو عمليات الاستحواذ، قم باتخاذ موقفًا متواضعًا في المحادثات، وكن على استعداد لتحدي معتقداتك الموجودة مسبقًا.

  • ضع أهدافًا واضحة للابتكار

مواءمة الأهداف والغايات مع استراتيجية العمل الشاملة وإبلاغها في جميع أنحاء المنشأة، فكر في استخدام إطار أهداف ذكية لإنشاء أهداف قابلة للقياس وقابلة للتنفيذ. من أفضل الممارسات الأخرى اختيار مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)أو مقاييس محددة تعكس نوع التقدم الذي تأمل في تحقيقه.

  • تشجيع توليد الأفكار وتقييمها

إذا كنت تريد من موظفيك تطوير أفكار جديدة، امنحهم الوقت والمساحة اللازمين لتنمية أفكار جديدة، وقم تعزيز توليد الأفكار من خلال عقد جلسات العصف الذهني أو ورش عمل الابتكار أو صناديق الاقتراحات. احصل على منصة خاصة بالموظفين لتقديم الأفكار والتعاون فيها، وتأكد من أن كل عضو في الفريق يشعر بالراحة والأمان عندما يحين وقت مشاركة وجهات نظرهم أو أفكارهم.

  •  الاحتفاء بالابتكار والاعتراف به

إن مكافأة الانجازات المبتكرة تعادل الابتكار في الأهمية والنمو، سلّط الضوء على الأفراد والفرق التي تقف وراءها، واعرض تأثيرها على المنشأة. لأن ذلك سيؤدي إلى تشجيع التعاون والمشاركة في المستقبل بين فريقك والسماح لمؤسستك بإحراز التقدم والتفكير في نمو المنشأة وتطورها.

في النهاية، لا بد أن يكون للتغيير والابتكار مكانة كبيرة في أداء العمل، لأنهما أمران حيويان للمنشآت لكي تبقى قادرة على المنافسة والكفاءة والأهمية في بيئة تتطور باستمرار. التغيير يدفع للابتكار والابتكار يدفع للنمو، ويحسّن الخدمات، ويشرك الموظفين، ويعد المؤسسات لمواجهة التحديات المستقبلية، كما قال جون كينيدي : “التغيير هو قانون الحياة. والذي ينظر فقط إلى الماضي أو الحاضر من المؤكد أنه سيخسر المستقبل.”.

وبدورنا في شركة سينكسيل نحرص على تقديم أفضل الخدمات التي تنمي التغيير المؤدي إلى الابتكار الناجح مهما تعددت مجالات العمل في السوق، ونشمل بذلك الزيادة المعرفية والتثقف المرئي في مجال الاستشارات لدينا. إذا أعجبك هذا المقال، تصفّح معنا المزيد من هنا: https://shorturl.at/qH3yj