رؤية المنظمة، الركيزة الأولى التي تستند عليه جميع أركان المنظمة، إذ ترتبط الرؤية ارتباطًا وثيقًا مع المهام لتحقيق أهداف المنظمة وتطلعاتها. وتعتبر الرؤية بوصلة التحفيز والنمو والتوجيه للعمل، ولا يمكن الاستخفاف بها أو تجاهلها، إذ يجب كتابتها جيدًا بشكل تعاوني بين مجموعة من الاشخاص المنتفعين، وذلك يتطلب استثمارُا كبيرًا في الوقت والجهد. 

وتتمثل الرؤية بالإلهام والطموح التي تسعى إليه الشركة بكافة عناصرها، فعلى سبيل المثال: المدير يرى الشركة من منظور التطور والمنافسة، والموظف يرى الشركة من منظور التعاون والنجاح والتدريب، الشركاء يرونها من منظور المنفعة والربح، وجميعهم يتفقون على أن الرؤية هي وجهة المسعى لتحقيق الأهداف المنشودة. 

إذًا، ما هي الرؤية؟ وما هي خصائصها ومميزاتها؟ وكيف يمكن كتابتها وتطويرها؟ 

تعريف رؤية المنظمة:

تُعرف الرؤية على أنها المنارة الإرشادية للمُنشئة، إذ تقوم الرؤية على توضيح المُعطيات والمُخرجات من المستقبل، وتشمل المهام من منظور ما سيتم اتباعه من مهام أخرى بعد ذلك. إذ تقوم الرؤية بوصف كيفية سعي منظمتك للتأثير على العالم وتحسينه، بدلاً من توضيح تفاصيل العمليات الداخلية والمهام السارية لديك. 

الرؤية هي حالة الإلهام التي تتخيله المنظمة بعد زمن، وهي متجددة ومتعددة المصادر، فقد تكون وليدة اللحظة أو متوارتة أو صنيعة تعاون كما وردنا سابقًا، وهي فعّالة مع العالم الخارجي وتسعى لإضفاء أثرًا يشمل المنظمة والمجتمع بشكل عام، وعادةً ما يتم تصنيف المنشئة من حيث الجودة حسب تطلعاتها وآمالها التي تصرّح بها وتسعى لتحقيقها مهما كلّفها الأمر.

 

رؤية المنظمات ومهامها وكيفية كتابتها

خصائصها وصفاتها:

لكل منظمة رؤية معينة منفردة ولا تشترك مع غيرها الصفات ، فكل شركة لديها رؤية واحدة فريدة حيث الطول والشكل والهيكل والنطاق، بحيث يكون بيان رؤيتك مرآة تعكس شخصية شركتك. وبغض النظر عن مدى تميز بيان الرؤية من حيث الحجم أو الشكل أو الهيكل، إلا أن هناك بعض السمات التي تشترك فيها جميع بيانات الرؤية العظيمة، مثل:

• الطموح:

إن الغرض من بيان الرؤية هو إلهام الموظفين والمستثمرين والعملاء للإيمان بمهمة شركتك،  وعلى بيانات الرؤية العظيمة أن تكون طموحة ومتطلعة لما هو أفضل، فهي تنقل إحساسًا بالشغف للمستقبل المثالي الذي تعمل الشركة من أجله.

• إمكانية التحقيق:

ليس لفقدان الشغف بل لزيادة إمكانية التحقيق، يجب أن لا تكون الرؤية بعيدة التحقيق لدرجة جعلها تبدو مستحيلة، عليك اختيار طموح يتعين على منظمتك أن تسعى جاهدة من أجله، إذ أن الهدف الذي لا يمكن تحقيقه تمامًا لا يعتبر رؤية بل خيال صعب المنال.

• السعة والتمدد: 

تقوم الرؤية ببناء المهام مع الأهداف ولكن هذا بحد ذاته لا يعتب هدفًا، فالرؤية البعيدة لا تعتبر هدفًا إذا لم يتم توسيع نطاقها. إذا شعرت أن بيان رؤيتك محدود للغاية أو يمكن تحقيقه على وجه التحديد والتخصيص، فحاول تقليص التحديد وتوسيع النطاق في اتجاهات أخرى كبيرة ومثيرة للاهتمام.

• الاستراتيجية:

لا تحاول حصر كل تفاصيل رؤيتك في بيان الرؤية الخاص بك، بل كُن استراتيجيًا في اختيار الأفكار التي تشعر بأنها الأكثر صلة وإقناعًا لأصحاب المصلحة لديك. ولا تجعلها شخصية لك وحد، بل ضع استراتيجية تشمل المنظمة ككل  بحيث يركز بيان رؤيتك على التطلعات التي تتحدث عن مهمة شركتك وهدفها.

أهداف الرؤية: 

قد ينبغي أن لا تكون الشركات طموحة للغاية في تحديد أهدافها طويلة المدى، من باب الواقعية وعدم ضمان التغييرات وتوقع الصدمات غير المتوقعة، إلا أن أهمية تحديد الأهداف أكبر وأكثر خاصة في بيان الرؤية الذي بدوره ينقل تطلعات الشركة ويحفّز جمهورها. 

وفيما يلي أهداف لبيان الرؤية الفعّالة:

• التطلع إلى الأمام دائمًا وعدم الرقود.
• التحفيز والإلهام لكافة عناصر المنظمة.
• توضيح ثقافة الشركة والقيم الأساسية.
• جلب الفوائد والتحسينات للمنظمة في المستقبل.
• تحديد سبب وجود الشركة وإلى أين تتجه.

وتعتبر أهمية قيام منظمة ما بتطوير رؤية ورسالة مُهمة للتوجيه الاستراتيجي للموظفين خاصة، فهذا يساعد الموظف على معرفة الغرض من وجوده والقيم الأساسية التي يحكمها، وأنه جزء لا يتجزأ من إستراتيجية الشركة التي تساعد على تحديد الأولويات وتخصيص الموارد والتأكد من أن الجميع يعمل نحو أهداف وغايات مشتركة، وبالتالي توفير خارطة طريق للمستقبل.

كيفية كتابة رؤية المنظمة:

هناك طرق كثيرة تستخدم لصياغة بيان رؤية بشكل رائع أكثر من مجرد كتابة بضع من الجمل، أنت تحتاج إلى القيام ببعض العمل لبناء رؤية المنظمة الناجحة، من أجل إنشاء بيان طموح وملهم حقًا. 

وفيما يلي 7 خطوات مميزة لكتابة بيان رؤية المنظمة بشكل فعّال:

• قُم بتحديد أصحاب المصلحة المهمين:

بما أن بيان الرؤية يتحدث نيابة عن شركتك بأكملها، إذًا عليك إعداد قائمة بالمؤسسين المشاركين، والمديرين التنفيذيين، والموظفين أصحاب المستوى الرفيع الذين يمكنهم مساعدتك في صياغة بيانك وتنقيحه، بحيث يمثلون مؤسستك بأكملها. 

ويعد الحصول على دعم من قادة الشركة أيضًا خطوة إستراتيجية ذكية،  فكلما زاد إيمانهم ببيان الرؤية، كان من الأفضل أن يقوموا بنمذجته في عملهم اليومي وإيصاله إلى إداراتهم وفرقهم بشكل أكبر وأوضح. 

وبإمكانك وضع قائمة ثانية من أصحاب المصلحة الذين يمثلون جمهور بيان الرؤية الخاص بك، قد تشمل: المستثمرون، وأعضاء مجلس الإدارة، والمنظمات الشريكة، ومختلف الشخصيات أصحاب الفكر، والعملاء، والموظفين، والمساهمين، وذلك اعتمادًا على مجال عملك، لكن النقطة الأساسية هي كتابة نظرة عامة أساسية عن مجموعة الأشخاص الذين تصمم الرؤية من أجلهم. 

• ابدأ بقائمة من الكلمات الرئيسية:

بعد تحديد بنك الأفكار لديك، قم بتحديد بنك الكلمات، فأنت في النهاية تستهدف صياغة بضع جُمل موجزة، وستكون عملية صياغة هذه الجُمل أسهل بكثير إذا كان لديك “بنك كلمات” من نوع ما يمكن الاستخلاص منه أثناء الكتابة.

في هذه الخطوة، أنت تعقد جلسة عصف ذهني مفتوحة مع أصحاب الأفكار لديك للتوصل إلى قائمة كلمات رئيسية، وعليك التأكد من أن قائمة الكلمات الرئيسية الخاصة بك شاملة عن طريق تقسيمها إلى فئات أصغر، وتأكد أيضًا من أن لديك قائمة جيدة من الكلمات الرئيسية لكل منها. 

يجب عليك جمع الكلمات الرئيسية المتعلقة بما يلي: (منتجك أو خدمتك، مهمتك وقيمك، أهداف شركتك ومبادراتها، الخطة الإستراتيجية طويلة المدى لشركتك، والصفات التي تصف شركتك ومنتجك وفرقك ومجتمعك ومستقبلك المثالي)، وكُن على إلمام تام بالظروف التي تصف الطريقة التي تعمل بها شركتك. يمكنك صياغة الرؤية لديك باستخدام الكلمات المتعلقة بمجالك، مهما اختلفت أنواع وقوائم هذه الكلمات، عليك اختيار الأنسب منها بناءً على نوع عملك. 

• أجب عن أسئلة الشركة التأسيسية:

بالإضافة إلى مستند الكلمات الرئيسية، خذ وقتًا أثناء عملية العصف الذهني للإجابة على الأسئلة التالية:

• ما هو الغرض الرئيسي للمنظمة؟
• ما هي نقاط القوة الرئيسية للمنظمة؟
• ما هي القيم التي تتميز بها الشركة؟
• ما أهمية ما يتم بناؤه لدينا؟
• كيف نريد إحداث فرق كشركة؟
• ما هي رؤيتنا لثقافة شركتنا؟
• ما هي أكثر أهدافنا طموحاً؟
• ما هو التأثير الذي نريد لشركتنا أن تحدثه على العالم؟
• ماذا تريد شركتنا؟ أو ماذا عن احتياجات الشركة؟
• إذا نجحت شركتنا في كل شيء قررت القيام به، فكيف سيحدث ذلك فرقًا في العالم؟

• افرز إجاباتك حسب الأولوية:

بمجرد الانتهاء من مرحلة العصف الذهني، بالطبع يجب أن يكون لديك الكثير من الأشياء المكتوبة، قم بوضع كل هذا المحتوى جانبًا لبضعة أيام، بحيث يكون عقلك واضحًا عند العودة للخطوة التالية، وهي تحديد ما يدور في بيان رؤيتك. 

اجتمع مع فريقك،  وقم بتمييز الأفكار والعبارات التي تشعر مجموعتك بأنها الأكثر أهمية بالنسبة لشركتك، واحذف العناصر التي لا تعتبر أولوية (ومع ذلك، لا تقم بإلغائها تمامًا، فقد تكون مفيدة في إنشاء أشياء أخرى من المستندات المهمة، مثل القيم الأساسية أو خارطة الطريق أو خطة العمل).

• اكتب الرؤية بالشكل الموسع:

في نهاية الخطوة الرابعة، سيكون لديك “بنك كلمات” أصغر من ذي قبل، ومحدد أكثر بحيث يضم أهم العبارات والأفكار والكلمات الرئيسية وإجابات أسئلة الشركة التأسيسية، وستكون الخطوة التالية عبارة عن تنظيم هذه الأفكار في جمل تتدفق منطقيًا ويتم ترتيبها وفقًا لأولويات شركتك.

ولا تقلق بشأن حجم الجُمل، بل ركّز بدلاً من ذلك على توصيل رؤيتك بطريقة منطقية، تُلامس جميع النقاط الرئيسية التي تريد تضمينها، وتشعر بالارتباط مع أصحاب المصلحة وجمهورك، فإن اختصار بيان طويل وشامل أسهل بكثير من تجميع بيان يحتوي على أجزاء مفقودة.

• راجع و قُم بالتقييم:

قبل الشروع في عمل تعديل رؤيتك، ارجع خطوة إلى الوراء وانظر إلى فقرة الرؤية الخاصة بك من بعيد، قد يمكنك الاستفادة من وضعها جانبًا لبضعة أيام والعودة بنظرة جديدة ومستحدثة.

أثناء مراجعة فقرة الرؤية الخاصة بك، تحقق من الأشياء التالية:

• هل فيها طموح كافي؟ 

يجب أن تشعر فقرتك بالطموح والشغف، وليس كهدف محدد لتحقيقه.

• هل تحتوي على طموح خيالي؟ 

تأكد من تحقيق التوازن بين المثالي وغير الواقعي.

• هل تعكس الدقة والوضوح لدى مؤسستك؟

يمكنك تشغيل بعض الأشخاص الخارجيين في هذه المرحلة لمعرفة الإجابات لجميع أسألتك، كأن تعرف رأي القارئ العادي بالفقرة ومدى تأثيرها على مسمع الجميع وليس فقط أصحاب الخبرة. 

• اكتب بيان الرؤية النهائي الخاص بك:

من الطبيعي أن تتقلص فقرتك عندما تطلب وتنفذ تعليقات من الآخرين، وقد ترغب أيضًا في طلب آراء على وجه التحديد حول كيفية أن تكون فقرتك أكثر إيجازًا، إذا أردت أن توجز فقرة الرؤية عليك أن تخلص من ما هو غير ضروري، إذا كان هناك أي عبارات أو أفكار لا تشعر بأنها ضرورية أو أقل ضرورة من ذي قبل، قُم بقصها حذف أي أجزاء تبدو باهتة أو أقل تأثيرًا من بقية الفقرة.

وابحث عن المرادفات المتشابهة، وحاول أن تتلاشها كي تبتعد عن التكرار و الملل، ثم قم بتحرير كل مفهوم على حدة فيما بعد. لربما عليك تقطيع فقرتك إلى جمل وتقسيم جملك إلى عبارات، واختر كل جزء صغير بمفرده واكتشف ما إذا كان يمكنك التوصل إلى طريقة أقصر لصياغته، يساعدك ذلك إذا قمت بتقييم الأجزاء الأصغر خارج الترتيب، قم بالتنقل رجوعًا إلى الخلف بشكل مجزء لأن ذلك سيساعدك في ملاحظة الأشياء التي ينسقها عقلك عند قراءة جملة كاملة.

 

وعند الانتهاء من بيان الرؤية الخاص بك ، قم بإعادته إلى أصحاب المصلحة للحصول على ملاحظات نهائية وإجراء أي تعديلات نهائية.

نصائح تطور رؤيتك:

فيما يلي بعض النصائح  وأفضل الممارسات التي يجب وضعها في الاعتبار عند بدء كتابة بيان الرؤية الخاص بك:

 

1. التعاون:

   يجب أن يعكس بيان الرؤية شخصية شركتك بأكملها، ولا توجد طريقة أفضل لتحقيق ذلك من كتابة البيان جنبًا إلى جنب مع الأعضاء الرئيسيين في فريقك. قم بجمع القادة من جميع أنحاء المنظمة للمشاركة في العصف الذهني لبيان الرؤية، وقم بتشغيل المسودات من قبل هؤلاء الأشخاص أنفسهم للحصول على موافقة على بيان الرؤية النهائي الخاص بك.

2. الكتابة ثم التحرير:

   لا تحاول أن تكتب بيان رؤية مختصرا ومُحَكَّمًا جيدًا بعيدًا عن البوابة، بل ضع كل ما تفكر فيه على الورق، مهما كان حجمه، قد لا ترى القيمة في فكرة معينة عندما تخطر ببالك، ولكن إذا دونتها على أي حال فقد تثير أفكارًا أفضل لاحقًا.

3. احتفظ ببيان الرؤية الخاص بك منفصلاً:

   لدى العديد من الأشخاص بيانات رؤية شخصية تعكس أهدافهم الفردية، وإذا كنت صاحب عمل، فقد يتداخل بيان الرؤية الخاص بك بشدة مع رؤية شركتك، من المهم جدًا أن تحافظ على تطلعاتك الشخصية ورؤية شركتك منفصلة بحيث يكون بيان رؤية شركتك شيئًا يمكن لشركتك بأكملها أن تتصل به وتشعر بأنك ممثلة بها.

4. تجنب الكلمات الطنانة والمصطلحات:

   إن استخدام مصطلح “حديث الصناعة” يجعل العلامة التجارية تشعر بأنها منعزلة ولا يمكن الوصول إليها، حتى بالنسبة للأشخاص داخل الصناعة. دائمًا ما تكون اللغة البسيطة أقوى من المصطلحات اللغوية غير المفهومة وإن كانت شائعة، لذا إذا وجدت نفسك تتراجع عن استخدام الكلمات الطنانة، قم افصل العبارة المعنية وتصور صديقًا أو أحد أفراد العائلة يسأل، “ماذا يعني هذا في الواقع؟”، اكتب أو سجل الشرح الذي ستقدمه لهذا الشخص واستخدم تلك اللغة لتحل محل الكلمات الطنانة في بيان الرؤية الخاص بك.

5. تجنب الغموض:

   لا يجب أن تكون بيانات الرؤية ملموسة بالطريقة التي يجب أن يكون بها بيان المهمة، لكنك عليك تجنب استخدام الكلمات التي يمكن تفسيرها بطريقة تغير معنى بيان الرؤية بالكامل، بطبيعة الحال لن تكون متواجدًا لتوضيح أو تقديم سياق لكل من يقرأ بيانك، لذلك يجب أن يكون قادرًا على الوقوف بمفرده وقرائتها بنفسه بدون شرح منك.

 

بالنهاية، وجود رؤية المنظمة لديك سيحقق نسبة كبيرة من رغباتك في إنجاح مشروعك أيًا كان نوعه في عالم الأعمال، في شركة سينكسل للإستشارات والخدمات المتنوعة، نوضح لك كيف يمكن أن تحدد رؤية المنظمة لديك من خلال عوامل متعددة تستهدف طموحاتك أحلامك التي تريد أن تحققها، تواصل معنا للاستفسار أو السؤال والاستشارة من هنا واقرأ أيضًا آخر مقالاتنا من هنا.